❗️خاص Sadawilaya❗️
د. فدوى ساتر
باحثة وكاتبة في الشؤون السياسية
إحدى الآثار الايجابية جدا لمعركة طوفان الأقصى الوحدة حول قضية أساس هي نصرة غزة،
فهل كانت فلسطين وشعبها في مأمن قبل الطوفان؟
اتخذت حركات المقاومة طيلة عقود اشكالا مختلفة من المواجهات ضد العدو الصهيوني، فمنذ عام ١٩٤٨ توحدت الأمة العربية والإسلامية حول مفهوم نصرة فلسطين لأصحاب النزعة القومية والعروبة وتحرير المسجد الأقصى وبيت المقدس لغيرهم من أصحاب المبادئ والمفاهيم الدينية على اختلاف مذاهبهم، فكما يشكل الأقصى معلم مقدس للمسلمين تشكل القدس بما تحتويه من معالم مقدسة ككنيسة القيامة وغيرها قيم دينية للمسيحيين وعليه كان يوجد حينها إجماع شعبي عربي على مواجهة العدو الصهيوني بكل الإمكانيات العسكرية المتوفرة رغم خيانة بعض الدول العربية وسقوطها في مستنقع التآمر والتحالف مع القوى الاستكبارية التي هي نفسها أسست لاغتصاب فلسطين وتشريد وقتل أهلها وفرضت وجود الغدة السرطانية في قلب الأمة لتمزيقها واضعافها بهدف السيطرة عليها ونهب ثرواتها ومواردها لاحقا..
إذن، هذا الإجماع حول القضية الأساس لم يكن جديدا في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني - حتى لا اسميه الصراع العربي الإسرائيلي - الا أن الجديد فيه هو انضمام شعوب جديدة من غير "الأعراب" الى قلب هذا الصراع والتغير الجوهري في قرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية التي لم تكن لتحصل لولا الفضائح الاجرامية التي انتشرت بين الشعوب الأوروبية واحدثت ما يشبه الزلزال الذي حرر بعض الضمائر الحية في اروقة تلك المحاكم التي كبلها الخوف من طغيان وإجرام استخدمته الإدارة الأميركية على مدى عقود من خلال الاستئثار بحق الفيتو، وهذه الايجابيات إنما ساهم فيها أمران:
١ نسبة الوعي بحقوق الشعب الفلسطيني الذي فرضه وجود الشباب والجمعيات المهاجرة في تلك البلاد
٢ التكنولوجيا الاعلامية الحديثة التي خُصصت لتدمير الأُسر المسلمة والشباب العربي وإلهائه عن قضيته وقضايا الأمة الإسلامية بمختلف البرامج الفاسدة لكن انقلب السحر على الساحر وكان لها الفضل الأكبر في نقل صورة الجرائم الصهيونية المرتكبة في فلسطين.
بعد ان اضاع الأعراب حقوق الشعب الفلسطيني جاء طوفان غزة ليعيد البوصلة الى القضية الأساس وليجمع كل الجهود المخلصة في مختلف الدول المناهضة للصهيونية في محور واحد يشكل جبهة قوية متماسكة ومساندة لكل دولة من هذه الدول في حال تعرضها لاي اعتداء صهيوني او غيره من أذناب الاستكبار .
وهذا الإسناد إنما يكون بتنسيق عال ومتكامل بين كل اطراف المحور لكن ما حصل أن المقاومة الإسلامية دخلت جبهة الإسناد دون "تنسيق مسبق" انطلاقا من الواجب الشرعي والانساني في نصرة اخوة لها في الدين والانسانية يتعرضون للإبادة الجماعية من أطفال ونساء وشيوخ وكبدت مع فصائل المقاومة في فلسطين، العدو
على مدى عام ونيّف من خسائر بشرية ومادية ما لم يتكبده من اثمان في كل حروبه مع الدول العربية منذ خمسينيات القرن الماضي على الرغم من عدم التكافؤ في القدرة التسليحية. دخلت المقاومة الإسلامية جبهة الإسناد لمقاومة الشعب الفلسطيني وحدها معتمدة على الله ثم على قدرة تسليحية لم تكن بمستوى الترويج لها وان جاءت متطورة جدا عنها في عدوان ٢٠٠٦ ولعل هذه المعركة كانت حقل تجربة لمدى فاعليتها في دحر العدوان الذي كان مضاعفا بدخول ٦ دول كبرى بأحدث ترسانتها الى جانب الكيان الصهيوني فضلا عن الترسانة المتطورة التي زودته بها الادارة الأميركية طيلة ١٨ سنة وفقا للمخطط المنوي تنفيذه وهو ما شرعوا به، وما كان يفرض تضافر كل الجبهات في كامل المحور الذي كانت مشاركته "خجولة" بمعنى انها لم تتجاوز ١% من الدعم والاسناد بحجم متفاوت من جبهتي العراق واليمن والذي لم يكن مؤلما ورادعا للعدو في حربه الهمجية على لبنان وغزة بمستوى يدفعه الى التوقف، وإن تسبب له بخسائر اقتصادية فادحة سواء في ضرب مواقع استراتيجية وحيوية وتدمير مبان ومدن في الداخل الفلسطيني او في عرض البحر الاحمر فالكيان الصهيوني لا يتوقف عند الخسائر المادية المضمون تعويضها من الدول الراعية له غربية وعربية بقدر ما تؤلمه الخسائر البشرية وفرار مستوطنيه من الكيان الى غير رجعة وهو مالم يحصل بالمستوى المطلوب في الضربات التي طالت الكيان خلال شهرين من الحرب الهمجية المجرمة على لبنان.
أمام هذه المعطيات يمكن القول ان غياب التنسيق والإسناد الفعال من دول المحور اضافة الى اكتشاف ضعف القدرة الصاروخية في تحقيق التوازن المطلوب سواء لجهة مستوى ايلام العدو ودفعه الى التراجع وهو ما نراه واقعا اليوم من تدمير للوحدات السكنية وتجريف للأراضي في عدد من القرى الجنوبية المستهدفة بمشروع الاستيطان - لا يقل عنها إعلان الضفة الغربية كإحدى مستوطنات الكيان المحتل اضافة الى تفريغ القطاع وحملة الترويج الدولية لاستقدام اليهود من شتات العالم للاستيطان فيه - لا تنم عن انكفاء الى الخلف او تثبيت حزام أمني على الحدود اللبنانية الفلسطينية وصولا الى نهر الليطاني لا يهم من أي الجهات، انما تشير الى الشروع بتنفيذ مشروعه الاستيطاني بعد ان تبين له عدة شروط تضمن له الدخول الى عمق القرى اللبنانية الحدودية أولا بالخديعة الأمر الذي لم يستطع عليه بالحرب فكان اتفاق الهدنة الذي ضَمِن التزام المقاومة بوقف النار من جهتها ثم فتح جبهة سوريا وسحب جزء كبير من القوة المقاوِمة الموجودة في الجنوب لاطمئنانه بدخولها المواجهة مع التكفيريين، وأيضا ضعف مشاركة المحور وعدم لجوئه الى التصعيد المطلوب لاسيما التهديدات الإيرانية التي أُفرغت من قوتها بالصبر وطول الأناة وبانتظار الوقت المناسب في وقت وصل فيه عدد ضحايا غزة ولبنان الى أرقام قياسية لم تعد تحتمل الإستمرار في حرب غير متكافئة ربما كان من الخطأ الدخول بها قبل الاطمئنان الى جهوزية الجبهة ميدانيا.